من جزيرة كاتندوانس الى مانيلا بالطائرة من مطار فيراك


رحلتى كانت صباحا ، فلم أنم ليلتي ، لا أعرف السبب على وجه التحديد ، هل أخاف من التأخير؟ ليس سببا لأنى استيقظ كل يوم الساعة الخامسة صباحا هنا فى فيراك ، ولكن هى طبيعتى عدم النوم العميق أذا كنت على سفر ، سيان رحلة داخلية أو دولية.

فى مطار فيراك

وصلت المطار الساعة 7:30 صباحا كى استقل طائرة شركة سيبو باسيفيك إلى مانيلا ، ميعاد الإقلاع حسب بيانات الرحلة الساعة 8 ولكن الطائرة أقلعت تقريبا 20 دقيقة بعد الثامنة. وصلت المطار ومعي “البوردنج باس” جاهز ، وهي عادتي ان احصل عليه أونلاين قبل السفر حتى اتجنب الوقوف امام كونتر شركة الطيران في المطار. من الأسهل طبعا الحصول عليه باستخدام موقع الشركة الإلكترونى وأنت بمنزلك أو مكتبك على راحتك قبل الذهاب للمطار، لكن لابد أن تفعل ذلك قبل 4 ساعات من ميعاد الرحلة. وطالما معى “البوردنج باس” ولا أحمل حقائب بخلاف “الهاند كارى” المسموح بها مع اللاب توب ، ما على ألا التوجه مباشرة إلى نقطة التفتيش ، ثم الى صالة الانتظار للمغادرة ، والجلوس هناك فى أنتظار الإرشادات من المضيف الأرضى للصعود إلى الطائرة. 

مطار فيراك هو مطار مخصص للطيران المحلي فقط ، وحتى الأن هو مخصص لرحلات متوجهة الى مانيلا فقط ، وحسب علمي هناك شركتان  فقط تعملان من خلال مطار فيراك ، شركة سيبوباسيفيك وشركة طيران الفلبين – فلبين أيرلاينز. والرحلات فقط من فيراك إلى مانيلا والعكس ،  رحلة واحدة فى اليوم الواحد ، بمعدل ٤ رحلات أسبوعيا لكل منهما.

مطار فيراك

مطار فيراك هو كما ذكرت مطار محلى ، صغير المساحة ، ومألوف لى حيث سبق أن جئت هنا منذ عامين تقريبا ، صالة الانتظار عبارة عن طابقين ، يوجد بالطابق العلوي جزء مخصص لركاب الدرجة الأولى – صالة اللونج – وهي حصرا لركاب شركة طيران الفلبين لأن سيبو باسيفيك لايوجد بها الا الدرجة السياحية. 

تم إنشاء المطار في عام 1963 ، وهو المطار الوحيد الذي يخدم جزيرة كاتندوانس. وفى عام 2018 تم كشف افتتاح المطار بعد تطويره.

لايوجد بداخل المطار أي محلات أو كافتيريات بعد ، ولكن هناك بائعون محليون يبيعون مأكولات أو حلويات شعبية شهية تتميز بها الجزيرة ، مثل البيليه ، والجوز مثل المكاديميا المعروفة في منطقة بيكول ، والسومان (الأرز المحلى اللزج) مع اللاتك ، وشراب جوز الهند. وهذه هى كان ما كان فى حقيبتى الهاند كاري.

 يفصل صالة المغادرة عن صالة الوصول جدار زجاجي ، تستطيع من خلاله كل ما يجرى فى صالة الوصول.  هبطت الطائرة على أرض المطار واستقرت على بعد عدة أمتار من مبنى الركاب ، وبالتالي يصل الركاب إلى صالة الوصول سيرا على الأقدام ، وهناك ينتظر من له حقائب وصولها. جلست أتأمل الركاب الواصلين ، لا يوجد سير كهربائي للحقائب كما هو الحال فى مطار مانيلا أو غيره من المطارات الكبيرة ، ولكن يتم تسليمها الى أصحابها بطريقة يدوية. 

المطار مكتظ بالعاملين فيه من رجال أمن وشرطة وموظفى خدمات مختلفة ، وجميعهم متعاون بشكل ملحوظ ومبتسم وكل الخدمات التي يحتاجها المسافرون تقدم مجانا بداية من جراج السيارات الي المساعدة في حمل حقيبتك الهاند كاري عند صعودك سلم الطائرة.

الرحلات المتاحة من مطار فيراك

المطار بصفة عامة نظيف جدا ومرتب وطبعا غير مزدحم كما هو متوقع من مطار يخدم فقط رحلتين يوميا ، واحد لسيبوباسيفيك والأخرى لطيران الفلبين.  ودورات المياه متوفرة في كل من الطابقين ونظيفة جدا كما هو العادة في جميع مطارات الفلبين التي مررت بها. والحمامات بصفة خاصة تلفت انتباهي لأنها المرفق الذي يحتاجه دائما كبار السن أمثالي، وأنا أفضل استخدام حمامات المطار عن تكبد عناء القيام من مقعدي وازعاج من بجواري أذا أردت استخدام  دورة مياه الطائرة.

وقطع متابعتى لما يجرى فى صالة الوصول صوت المضيف الأرضى وهى فلبينى بالطبع ، يطلب من جميع الركاب الاستعداد لصعود الطائرة. وكأن التنبيه نص يحفظه كل مضيفى سيبو باسيفيك ، لأن نفس التعليمات والإرشادات بنفس الصيغة تقريبا أسمعها في جميع رحلاتي مع هذه الشركة. يطلب المضيف كبار السن والسيدات الحوامل والمعوقين أن يتقدموا الصف ، ثم يليهم أصحاب المقاعد ذات الأرقام مثلا من 25 الى 40  ثم يتبعهم ذوي الأرقام من 1 الى 25 ، فى محاولة منهم تجنب تكدس الركاب داخل ممرات الطائرة.

الصعود الى الطائرة – رحلتى من فيراك الى مانيلا

 عادة بعد هذا التنبيه يقوم معظم الركاب ويقفون فى الطابور أمام نقطة التفتيش قبل الصعود ، وبعضهم يتسابق ليكون فى مقدمة الطابور، لا أفهم لماذا؟ ظللت كعادتى مكانى فى مقعدى لأكون أخر مسافر يصعد الى الطائرة ، وعندما لم يكن هناك احد جالس غيرى ، قمت وتحركت الى نقطة التشييك ثم ألى أرض المطار وكانت الشمس بدأت ساطعة ومشيت حتى مصعد الطائرة ، الذي كان عبارة درجات سلم عادية ليس فيها أى تكنولوجيا ثم صعدت الى الطائرة ، وكنت آخر من صعد. كانت المضيفة على الباب تنظر ألى فلى أبتسامة وكأنها تلح على أن أتحرك أكثر سرعة وكأنها كانت تنتظرنى ، ثم أغلقت باب الطائرة بعدى مباشرة.

لم أكد أستقر على مقعدى ولم يمض أكثر من دقائق معدودة حتى أعلن كابتن الطائرة الاستعداد للإقلاع وطلب من الطاقم اتخاذ إجراءات ما قبل الإقلاع “تاك أوف”. بعد بضعة دقائق أخرى انطلقت الطائرة نحو المدرج بسرعة تزداد تدريجيا ومعها تزداد ضربات قلبي ، وهذه المرحلة تسمى تاكسى – أى سير الطائرة قبل التاك أوف. بعد التاكسى تقفز الطائرة منطلقة نحو السماء ، وكأنى فى هذه اللحظة أقفز من على سطح أحد الأبراج.  أخذت نفسا عميقا وبلعت ريقي عدة مرات حتى لا تنسد أذنى ، فبالرغم من كثرة سفراتي بالطائرة ، ألا أن الأقلاع دائما يثير فى نفسى شعورا يجعلنى أخذ نفسا عميقا حتى أشعر بالراحة والأمان. 

وحسب تصوري انطلقت الطائرة  في اتجاه الشمال الغربي لان جزيرة  كاتندوانس تقع جنوب شرق مانيلا ، كما وضحت فى الخريطة أسفل هذه الفقرة. وأتوقع أن تصل الطائرة الى مطار مانيلا بعد ساعة ونص تقريبا أي بعد التاسعة والنصف صباحا وتهبط بنا في المحطة رقم ٣ من مطار مانيلا الدولي.

موقع جزيرة كاتندوانس بالنسبة للعاصمة مانيلا

في منتصف المسافة قطع كابتن الطائرة الصمت المخيم برسالة صوتية – وهو روتين يحدث تقريبا فى جميع الرحلات الجوية – يرحب بنا نحن الركاب ويعلن عن بعض معلومات الرحلة ومن بينها بعدنا عن محطة الوصول مانيلا ومدى ارتفاع الطائرة – وكان حوالي 26000 ميل – حسب ما ذكره الكابتن وانهي حديثه بالترحيب مرة ثانية بالركاب. ثم خيم الصمت مرة ثانية على الأجواء إلا من صوت مكائن الطائرة وهى تشق عنان السماء في سرعة تصل الي 600 ميل في الساعة.

في هذه اللحظات شعرت برغبة في اغماض عيني قليلا فقد استيقظت اليوم مبكرا في الخامسة صباحا بعد نوم ليلة غير عميق ومتقطع ، وهي طبيعتي في ليلة السفر. اغمضت عيني قليلا ومررت ببصرى على الجملة الشهيرة المكتوبة على ظهر الكرسى الذى أمامى :

“Buckle up your seat belt during Taxi , Take-off and Landing”

تركت لخيالي العنان فتوجه الى محطة الوصول ، أخذت أتصور كيف سأجد مانيلا عند الوصول ، بداية بمطار مانيلا العملاق ، على الأقل مقارنة بمطار فيراك ، صالات الوصول الفسيحة ، المزدحمة بالمسافرين.  وكانت الأخبار وصلت ألينا بهطول أمطار غزيرة فى مانيلا يوم أمس فلعلها تكون مستمرة حتى اليوم ، وأتوقع زحام مرورى وقد استغرق أكثر من ساعة للوصول الى بيتى. 

عادة لا استطيع النوم أثناء أي رحلة ولكن اليوم احسست بالنعاس ورغبة منى في النوم ، أغلقت عيني وبالفعل كدت أن أغفو لولا جاء صوت الكابتن من ميكات الطائرة طالبا من طاقم الطائرة الاستعداد للهبوط فى مطار مانيلا ، وبدأت بعدها حركة ، هرج ومرج هنا وهناك من أفراد الطاقم ، كل منهم مشغول بما هو منوط أليه من مهام ، استعدادا للهبوط. بعدها بدقائق قليلة أمر الكابتن أن يتخذ أفراد الطاقم أماكنهم لقرب الهبوط  “لاندنج”. وبعدها صوت مرتفع من أسفل الطائرة ، كان بلا شك صوت العجلات وهى تنزل ، ثم لحظات وهبطت الطائرة في مطار مانيلا . لم تستغرق الرحلة أكثر من ساعة ، يبدو أن تأخير الإقلاع عوض فى زيادة سرعة الطائرة.

الطريق بالسيارة من مانيلا الى جزيرة كاتندوانس

السفر بالطائرة يختلف تماما عن السفر بالسيارة ، وهى رحلتى متوجها من مانيلا إلى فيراك ، رحلة الطائرة تنقلك فجأة من مكان إلى مكان مختلف تماما فى زمن محدود ، وكان ساعة واحدة فى هذه الرحلة. من مدينة ريفية هادئة يغلب عليها السكون والسكينة ، الى مدينة مزدحمة ، كل شئ فيها يركض ويلهث ، ولا تملك ألا أن تركض أنت أيضا مع كل شئ حولك.

بعض المصطلحات المفيدة فى المطار

وفى نهاية مقالى ، قد يكون من المفيد أن أذكر هنا بعض المصطلحات التى عادة تستخدم فى المطار أو أثناء وجودك فى الطائرة.

  • بوردنج باس (تذكرة صعود الطائرة) = Boarding Pass
  • تاك أوف (الأقلاع)= Take off
  • لاندنج (الهبوط)= Landing
  • تاكسى (سير الطائرة فى المطار قبل الأقلاع أو بعد الهبوط) = taxi
  • صالة المغادرة = Departure Hall
  • صالة الوصول = arrival terminal

4 ردود على “من جزيرة كاتندوانس الى مانيلا بالطائرة من مطار فيراك”

  1. رحلة سعيدة يا دكتور وطريقتك زي ما قال أستاذ أحمد ممتازة بجد بتخلي الواحد يعيش معاك الحالة وخياله يشتغل بس مش ناوي بقي تعيشنا الواقع في الفلبين عروض مثلاً بمناسبة السنة الهجرية الجديدة كل سنة وحضراتكم طيبين .

  2. حضرتك بتوصف الرحلة كما لو كنا جالسين معك أسلوب حضرتك قصصي ممتاز يا بروفيسور .

    غالبا كده حضرتك حبيت كاتنداناوس وتقريبا بتفكر تستقر هناك ولو شهر أو شهرين في السنة بعيدا عن الازدحام والتلوث في المدن
    صح الكلام؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *