رحلتى الأولى الى ساجادة ، أجمل بقع الفلبين والطريق أليها من أخطر طرق الفلبين ، رحلة شاقة خلال طريق كله منحنيات خطرة يمتد ساعات على حافة منحدر خطير ، ولذلك أطلق عليه الطريق الأكثر خطورة فى الفلبين ، ومع ذلك فالرحلة ممتعة للغاية وبمجرد وصولنا الى ساجادة انبهرنا بما رأينا ونسينا كل المعاناة خلال الطريق.
الرحلة الى ساجادة أجمل مناطق الفلبين ، ولكن الطريق اليها من أخطر الطرق فى الفلبين ، كانت هذه هى الرحلة التى ننتظرها عدة أعوام ، وكل مرة ننوى القيام بها نتكاسل بسبب المعلومات التى نسمعها بأن طريقها خطير للغاية ، هذا العام قررنا القيام بالرحلة وشجعنى وجود معلومات جديدة عن أن الطريق أصبح أفضل مما كان عليه سابقا بسبب التوسعة والتحسينات التى قامت بها حكومة الفلبين.
قرأت عن ساجادة أول مرة منذ أكثر من خمسة عشرة عاما ، فى مدونة لأحد السواح الغربيين ، وصفها بأنها مكان مثير ملئ بالمتع السياحية وملئ بالمغامرات لمحبى المغامرة. وصف ساجادة والطريق الخطير المؤدى أليها فى تلك المدونة جعلنى لاأفكر الذهاب ، حتى كبر أبنائى وشرعوا يبحثون عن أماكن السياحة الأكثر أثارة والأكثر مغامرة ، وكان من بينها الرحلة الى ساجادة.
الأستعداد قبل الرحلة
قبل الرحلة الى ساجادة أقترحت المدام نستأجر سيارة مع سائق أو على الأقل سائق لسيارتنا ، واضعة فى الأعتبار أمرين ، الأول أن المسافة طويلة جدا وأنى أعانى من ألام فى الظهر والفخذ والساق اليمنى ، وهى تشفق على من مشقة القيادة الطويلة ، والثانى أن الطريق معروف بمنحدراته ومنحنياته الخطيرة وأننا قد نضطر للسير ليلا فى هذا الطريق المخيف مع معرفتها بضعف نظرى أثناء الليل.
لكنى لم أستسغ فكرة تأجير سائق ، وقررت القيادة بنفسى بالرغم ان الطريق من مانيلا الى ساجادة يعتبر أطول وأصعب طريق بالنسبة لى، لم اعتد القيادة بنفسى خلال عدة أعوام ماضية ، كنت اعتمد دائما على السائق الخاص. عندما خضت المغامرة ، قيادة السيارة فى هذا الطريق بالنسبة لى تعد مغامرة ، أدركت أنه كان من الأفضل السماع لنصيحة زوجتى تأجير سائق لنا.
أستيقظت من الخامسة صباحا وهى عادتى يوم السفر ، وحسب الأتفاق مع أولادى أننا سنترك مانيلا فى الصباح المبكر كى نصل الى ساجادة قبل حلول الليل ، الأستعداد للسفر أخذ وقتا أكثر مما نتوقع ولم نغادر مانيلا قبل التاسعة صباحا. الماء للشرب ، الملابس الثقيلة ، وبعض المؤكولات نتسلى بها أثناء السفر ، وأمور أخرى كثيرة وضعوها فى السيارة. السيارة جديدة وكبيرة تتسع لسبع أشخاص وكنا 6 أشخاص ، وكل شئ فى السيارة تم الكشف عليه فى اليوم السابق والتأكد من صلاحية السيارة لهذا السفر الطويلة.
تركنا مانيلا حوالى التاسعة صباحا ووصلنا الى بالانتواك (مدخل الطريق السريع الشمالى) بعد ساعتين أو أكثر (المفترض أقل من نصف ساعة) بسبب أعمال الطرق المكثفة فى مانيلا التى تسببت فى أختناق المرور وتحويل المسارات الى شوارع ضيقة جدا ، جعلنى أشعر بالتعب والأجهاد حتى قبل الوصول الى الطريق السريع ، وكانت بداية غير طيبة. قلت فى سرى “يامسهل”.
وصلنا الطريق السريع الشمالى (أنلكس) أخيرا ، كانت عطلة نهاية الأسبوع عطلة طويلة ، عيد كل القديسين الذى وافق يومى الجمعة والسبت (1 و2 من نوفمبر 2019) ولحق بهم يوم ثالث يوم الأحد ، كثير من الناس طالعين الى خارج مانيلا كحال الفلبينيين فى كل الأعياد، كان الطريق الى باجيو به كثير من السيارات الخاصة وكثير من المسافرين بالأتوبيسات، لكن من ناحية الأمان ، الطريق حتى باجيو كان جيدا ومخدوما الى حد بعيد مما جعل رحلتنا حتى باجيو لا بأس بها.
حاولنا أن نستمتع بكل ما نمر به فى طريق باجيو ، باجيو هى أكبر وأشهر متجه سياحى فى شمال الفلبين ، يذهب لزيارة هذه المدينة ملايين من السواح سنويا ، باجيو مشهورة جدا لنا العرب وأيضا لغير العرب. وقد أقترحت أن نمضى الأجازة هناك بدلا من ساجادة ، ولكن أقتراحى قوبل بالأعتراض وبالرفض من كل أبنائى ، يرغبون فى مكان جديد لم يذهبوا أليه من قبل ، باجيو موضة قديمة زرناها عدة مرات.
عرضت عليهم أماكن أخري بديلة ، السفر أليها سهل وأيضا ممتع ، ولكن داخلى شئ يهمس ويتمنى أن يرفضوا أقتراحى لأنى كنت أنتظر اليوم الذى أقوم بهذه الرحلة. الرحلة ساجادة ليست سياحة مكان فى نظرى بل هى سياحة مكان وسياحة مناخ وسياحة عبر التاريخ ، خلال هذه الرحلة رأينا مالم نراه من قبل من أماكن وتضاريس ، جبال وسهول ومزارع الأرز علي شكل مدرجات على المنحدرات الجبلية معمولة بهندسة غاية فى الدقة والروعة ، ومررنا بكل ألوان المناخ من الطقس المدارى الحار مرورا بالمعتل اللطيف الى الطقس المتطرف شديد البرودة ، وسرنا تحت السحاب وفى وسط السحاب وفوق السحاب ، ورأينا الضباب يجعل من النهار ليلا والشبورة تخفى كل شئ حولك فلا ترى ألا نفسك. شعرت بالرعب وأنا أتقدم بالسيارة فى هذا المناخ المخيف ، أمشي على سرعة أقل من 20 كيلومتر فى الساعة وكل خوفى أن تنحرف السيارة ألى أعماق أحد المنحدرات الحادة التى لا يفصلنا عن قاعها العميق سوى عدة بوصات ، أخيرا قررت التوقف عندما ابصرت وسط الغيوم ساحة كبيرة كانت منقذا لى ، ركنت السيارة وأخذت أغالب البرد الشديد بالملابس الثقيلة ، لبست 3 بلوفرات صوف على بعض، وأخذت أغالب الخوف بالضحك الهستيرى مع أبنائى.
الرحلة الى ساجادة هى أيضا رحلة عبر الزمان تأخذك الى الماضى البعيد فترى أناسا يعيشون كما كان أجدادهم يعيشون قبل مئات السنين ويعتنقون نفس العقائد والتقاليد ، ويغلبونها أذا لزم الأمر على ما استحدث عليهم من الديانة المسيحية. لا يسمحون بالغرباء الدخول الى أعماقهم ومعرفة أسراهم وكأنها أمور مقدسة لا تجوز ألا لهم فقط أبناء فبيلة الأيجوروت. حتى أنك ترى أحيانا لافتات تقول ممنوع تصوير السكان المحليين ، أثارت مثل هذه الافتات تساؤلات كثيرة عندى ، تمنيت أنى أعرف لغتهم وأغوس الى أعماقهم وأعرف كل شئ عنهم. بعض من رجالهم يترك شعر رأسه مسترسلا ، ويترك لحيته وشاربه.
الطريق من مانيلا الى باجيو
وصلنا باجيو حدود الخامسة مساءا أو قبل ذلك بقليل ، الظلام بدأ يخيم على الطريق ، ساعده فى ذلك الغيوم الكثيفة ، الساعة الخامسة كانت تبدوا وكأنها السابعة مساءا ، مع علمى المسبق أن الطريق من باجيو إلى ساجادا خطير مليء باللملفات والمنحنيات الحادة ويمتد على طول حافة منحدر خطير ، رغبت المبيت في باجيو لكنى لسبب لاأعرفه قررت الأستمرار ومواصلة القيادة فى الطريق الى ساجادة وليتنى لم أفعل. فقد حدث ما كنت أخشاه.
تابع معى الفيديوهات والمغامرات فى قناة أرافيل على اليوتيوب ، وهى تأتى فى عدة أجزاء ، وهذا هو الجزء الأول.
هذه بعض اللقطات من طريقنا ألى ساجادة ثم الى باجيو ، أرجو متابعة مقالات فى الأجزاء القادمة.
3 ردود على “الطريق الى ساجادة شمال الفلبين – الجزء 1”
رحلة مثيرة وجميلة جدا يا بروفيسور وفعلا دي من الذكريات الروعة التي لا تنسى
ربنا يديم على حضرتك الصحة والسعادة انت وأسرتك
دمتم في خير
هى مثيرة بشكل ، كمان مرعبة بس بلذة
تسلم يا غالى .. شد حيلك أنت كمان واطلع رحلات