الطريق الى ساجادة شمال الفلبين – الجزء 2


يبدو أن رحلتى الى ساجادة لم تكن مجرد رحلة عابرة تنتهى مع مرور الأيام ، ولكنها ما زالت مستمرة فى خاطرى ، ودائما تروادنى فكرة أن اقوم بالرحلة الة ساجادة مرة أخرى ، أشعر أن المرة الأولى اخذتنى على غفلة ودون ترتيب وتنسيق كاف لأستيعاب كل ما ممكن أن تقوله ساجادة لمن يزورها.

أسئلة كثيرة لم أعرف لها جوابا ، وأماكن كثيرة لم استطع زيارتها فى أول رحلة ، وأماكن زرتها ولكن لم أتمكن من معرفة كل شئ ، فهناك من الأسرار والغموض الكثير مما أغب فى معرفت. فى مقالى الجزء الأول:
تكلمت كان مقدمة عن الترتيب للرحلة وكيف ينبغى الأستعداد له مع بعض المعلومات عن ساجادة.

وصلنا باجيو قرابة الخامسة مساءا ، لم أجد مشقة فى القيادة من مانيلا الى باجيو ، الطريق ممهد ومخدوم جيدا كما هو متوقع من طريق يوصل الى أهم معلم ومزار سياحى فى شمال الفلبين ، وليس فقط معلم سياحى بل هى مدينة كبيرة بها كثير من السكان ويفد أليها كثير من الطلاب الأجانب للدراسة فى الفلبين. كان الطريق ممتعا للغاية وبه كثير من المناظر الطبيعية الخلابة. المعاناة بدأت بعد باجيو!

فتحت جوجل مابس (خرايط جوجل) ومشيت حسب أرشاداتها ، وجدتنى فى الطريق الجبلى المتعرج ، لم يكن أختيارى وأنما أختيار جوجل ، وايضا أعرف أن هذا هو الطريق الأسرع لأن الطريق الأخر الساحلى طويل جدا ، ربما بما يزيد عن ساعتين سفر. المسافة من باجيو الى ساجادة تصل تقريبا الى 150 كيلومترا وتستغرق من 4 الى 6 ساعات حسب الطريق الذى تسلكه.

مررنا بالسيارة خلال شوارع باجيو ، شوارع نظيفة مرتبة ، وطبعا كلها طالع نازل لأنها منطقة جبلية ، انتهينا من باجيو وبدأن فى الطريق الى ساجادة ، أنقسم الطريق الى فرعين يسار ويمين وجوجل يقول أتجه يمينا ، فعلا اتجهت يمينا وبمجرد أنحراف جهة العرع اليمين من الطريق وأذا بى أرع مطلعا حادا الى أعلى وكأنه جدار وليس طريقا ، أخذتنى المفاجأة لثانية وضغطت بقدمى على دواسة البنزين صاعدا المطلع الخرافى خاشيا أن تتراجع بى السيارة ولكن الحمد لله صعدت السيارة بسلام وكانت هذه أول بشاير الطريق الى ساجادة. تنفسنا جميعا نفسا عميقا ، لم نكن نتوقع مطلعا مفاجئا وبهذه الحدة الى أعلى كأنما يحذرنا الطريق من بدايته أنه طريق صعب المراس وعلينا الحذر.

بعد ساعة سفر من باجيو وصلنا الى بوابة ، دفعنا مبلغ 15 بيسو ، ظننت أن سجادة بعد ذلك بساعة أو أكثر قليلا ، لكن الطريق الباقى كان أطول وأصعب مما تصورت.
الطريق من باجيو الى ساجادة مكون فى أغلبه من منحنيات حادة خطيرة تستدعى الأنتباه.
باية طريقنا من باجيو الى ساجادة
الطريق كله منحنيات حادة خطير وعلى طول منحدر عميق خطير
أعلان صغير على جانب الطريق ، الطريق من باجيو الى ساجادة يخلو تماما من أى أعلانات تجارية كالتى نراها على الطريق السريع

بعد البوابة سرنا فى طريق مكون من حارتين ، حارة للذهاب وأخرى العكس ، ويكاد لا يوجد مكان لركن السيارة فى حالة الطوارئ ، ولو لا قدر الله عملت تصادم أو أى حادثة ، فليس أما سيارتك أل أن تهوى فى النحدر الشديد ، حيث لا يوجد سور قوى يمنع السيارات من السقوط أو يوجد سور قصي ضعيف لا يغنى شيئا ن وم ذلك فالطريق اليوم أفضل كثير مما كان عليه قبل أعوام ، عندما ترى صور الطريق الى ساجادة من قبل تدرك لماذا أطلق عليه طريق الموت!

الطريق كما قلت فى أغلبه مكون من حارتين ، يكفى بالكاد لسيارتين عكس بعض ، مع وجود أصلاحات في بعض الأماكن تدرك صعوبة السير فيه. وهذا ما حدث لى! فى قسم منه تجرى أصلحات فى حارة من الأثنين وبالتالى السيارات تسلك حارة واحدة بالتناوب ، عليك أن تنتظر قرابة 15 أو عشيرين دقيقة حتى يفسح الطريق لك. الليل خيم على الطريق ولا توجد أنور والمنطقة جبلية وعرة ، لا تكاد تري شيئا حولك أل أنور السياراتز فتحت الحارة لنا فسرنا فى دورنا حتى نقطة ما يجب أن نتحول الى الحارة الأحرى لنكمل المسير ، أنحرفت الى الحارة الأخر ، وكما قلت الطريق مظلم تماما ، وفجأءة أرتطمت عجلات سيارت بالأرض وكأنى هبطت من أعلى ألى أسفل ، وشعرت بأحد الأطارات يفرغ ما به من هواء ، سرت عدة أمتار بالرفم من الفلات تاير بحثا عن مكان أتوقف فيه ،لأنى لا أستطيع التوقف وخلفى طابور من مئات السيارات ، ولم أجد مكانا ألا بعد أكثر من 100 متر تقريبأ. المكان كان بقعة صغير جدا على حافة المنحدر لا يفصلنا عن الهاوية العميقة ألا بضعة بوصات.

نزلنا جميعا من السيارة ننظر الى بعض فى حيرة ، السيارة جديدة ولم أتوقع أبدا أن يحدثا هذا لناز أدركت بعدها أن السبب كان أخلاف المستوى بين الحارتين الجديدة التى أصلحت والقديمة منتظرة الأصلاح ، فهبطت السيارة فجأة ومن سوء الحظ هبطت على حديد حادة من بقايا أعمال الصيانة ، صراحة رغبت بعدها أن أرفع شكوى على متهد صيانة الطريق ، لكن غيرت رأى بعد ذلك.

المهم بدأ أبنى شادى فى محاولة فهم كيف يمكن تغيير وأستبدا الأطار بالأخر، جاء بالأدوات وشرع يحل الأطار الخرب ، أقترحت عليه أولا أحضار الأطار الأستبن. حاولنا معا ننظر كيف نخلص الأطار الأستنب من مربطه ، ولأن هذه أول مرة لم نصل ألى طريقة. توقفت أحد الشاحنات تطوعا للمساعدة وبعد أكثر من 10 دقائق فشلوا فى أنزال الأطار الأستبن من موضعه ، ورأينا أن الشاحنة لما توقفت حجزت خلفها طابور طويل لا أعرف نهاينته من السيارات. فطلبت منهم الذهاب وشكرتهم ، فى هذه اللحظة وصل رجال البوليس الذيح حلو محل رجال الشاحنة فى المساعدة. كانت ليلة ليلة ليلاء ، أستغرقنا أكثر من ساعتين فى الظلام الدامس مع هطول أمطار غزيرة صعبت من مهمتنا لدرجة أن أصابنى اليأس وشعرت بالندم لعدم البقاء فى باجيو حتى الصباح. وجود رجال البوليس معنا خفف من أحساسنا باليأس والوحشة ، وصراحة لم أكن أتصور أم رجال البوليس ممكن أن يفعلوا مافعل هؤلاء الرجال من أجلنا. لم يسعنا فى حل المشكلة أل الأتصال بصديق لى مهندس فى شركة تويوتا ، بمساعدته وأتباع أرشاداته تمكن رجال البوليس من أنزال الأطار الأستبن ، واستبدا الأطار الخرب.

بعد 3 ساعات كان منظر رجال البوليس يثير الشفقة والخجل مما وقع بهم ، ملابسه المتسخة ، ومياه المطر تغمرهم من الرأس حتى القدمين ، لأم أملك ألا الأعجاب بشامتهم وتضحيتهم من أجل مساعدتنا فى هذه الظروف القاسية. بعدها شكرتهم زاخذنا صورا تذكارية ، وقبلوا بعجد ألحاح ماقدكته لهم من مال قائلا: “مجرد مبلغ صغير لغسيل ملابسكم” ، أنصرفنا بعدها ، قدت السيارة وأنا أشعر كأنى أستيقظت من كابوس ثقيل.

واصلت القيادة لمدة ساعة تقريبا ، والضباب يزيد تدريجيا ، ويضيف الى ظلمة الطريق ، حتى وصل بى الحال أنى لم أعد أرى شيئا ، قلت لأبنائ: “أنا أقود السيارة حاليا مغمض العينين” وكان لابد من التوقف ، وفعلا وجدت مساحة على جانب الطريق وكأنها هبطت فجأة من السماء لأنقاذنا ، مساحة كبيرة مضيئة جيدا ، بدا أنها واجهة لاستراحة ومنطقة تجارية على الطريق. أنحرف بالسيارة وركنتها فى مكان ارتحت أليه تحت الأضواءونلت أنا وكل أفراد أسرتى نستكشف المكان الذى أنقذنا.

وأخيرا وصلنا الى ساجادة
فى ساجادةالفندق الذى سكناه فى ساجادة ، الفنادق هناك متواضعة ربما أفضلها أقل من 3 نجوم ، ولكنها نظيفة ومرتبة والعمال كلهم خدومين وبشوشين.
Lodge Labanet .. الفندق كنا حاجزينه من مانيلا


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *